فصلٌ ثامن
نكهة وجع ..
دخل الغرفة وريحة عطره تسبقه ..
رجولته طاغية بمشيته وحركته وشكله وصوته ..
قال بثبات وركود وثقه : السلام عليكم .
ردت بصوت واطي اقرب للهمس : عليكم السلام ..
تأملها بفستانها الابيض الناعم ..
مكياجها اللي مبرز جمالها اكثر ..
يدينها اللي مشبكتها ببعض ونقشة الحنا الهادية اللي تمتد على كفها محولتها لفتنه تسر الناظرين ..
كل هالآية له هو ..
كل هالأنوثه والجمال والسحر اللي قدامه اسمها زوجته وحلاله .
حاول يغض الطرف بس عجز ..
استغل الفرصة انها ماتدري عن نظرته وحركته وزاد تأمله لها ..
كل هالجمال بيندفن بيده في عالمه الكئيب ..
حظك ياشادن وهذا اللي سعيتي له ..
حس انه طول وهوساكت واستدرك نفسه قال : وشلونتس ياشادن ؟
ماطالعته وكانت موجهه نظرها للأرض مستحيه لوجودها مع رجال غريب وفي نفس الوقت متضايقه من تمثيليته السخيفه اللي جارته فيها ..
قالت : بخير .
نزل بشته وحطه على السرير وجلس على طرف السرير وقابل لها وهي جالسه على الكنبة ...
طول وهو يطالعها من غير مايتكلم ومن غير ماتتحرك او حتى ترفع نظرها ..
وكأنه يستغل الفرصة في ليلة خجلها وحياها ويملا عينه منها ويشبع نظره ..!
مايدري كيف يبدا الكلام بس ضروري يبدا ..
اخيراً تكلم : ليش كل هالتكلفه ..؟
رفعت نظرها له ..
وعرفت انه يقصد فستانها ومكياجها ..
كانت عيونها اكثر شي تهزه ..
شافها قبل كذا وحس انها تجذبه غصب
لدرجة انه مايتذكر في وجهها غير عيونها ..
لكن الليلة غير ..
الليلة مثل البحر الهايج اللي يجرف كل شي قدامه ..!
وهو اللي في الواجهه ..!
بس مع هذا ماله الا الشوف والنظر ... وان تأمل يعتبر واجد عليه .!!!
قالت وهي ترفع حاجبها وتبتسم بسخريه : اجاريك في التمثيليه . ومثل مالبست انت البشت لبست انا الفستان .
حط يدينه ورى وتكى عليها وقعد يمس ظهره ..
قال : زين انك عارفة الوضع .. مايحتاج اتعب نفسي بالاعتذار والشرح .
قالت بسرعه قبل لايقوم ويطلع ويقهرها وحبت انها هي اللي تبدا
: ممكن تطلع ..؟
ناظرها وكشر قال بلهجة حادة : وشو ؟
بلعت ريقها لأن صوته خوفها قالت : ببدل واتحمم وانام ..
تحرك بسرعه ووقف وهز راسه ..
فهم قصدها وغرضها من كلامها ..
هذي نقطه تحسب لشادن .. بنت حريصة وذكيه وقوية ..
قال وهويفتح زراير ثوبه ويعطيها ظهره : هذي تراها غرفتك وانا غرفتي زي ماهي .. تبين شي قبل اطلع بروح انام حيلي منهد .
هزت راسها بلا وهي مخنوقه ..
لأنها لوتكلمت راح تنفجر من البكا ..!!
طلع من عندها وسكر الباب وراه ..
وقامت وقفت ومشت بالغرفه وهي تتأفف ..
هالمرة ماقدرت تتحكم في دموعها ..
تركت لها المجال انا تسيل براحتها بدون ماتردها او تمنعها
بكت من قلب ..
بكت اول ليلة بزواجها ..
بكت زواجها وطريقته اللي مافرقت عن طريقة زواج امها وجدتها الا بالمكياج الثقيل والفستان الابيض الفخم ..
بكت ابوها لو كان حي يمدي عماد فكر يحطها بالموقف هذا ولا كان حسب له الف حساب وشالها على كفوف الراحه ...
رمت نفسها على سريرها وغطت ووجهها على المخده ..
طلعت اللي كانت مخبيته عن امها ونايف وسارة واللي كانت موفرته ليله فيها يمكن ويمكن ..
بس للأسف طلعت اسوأ مما توقعت ..
بكت حياتها ..
وبكت ماضيها ومستقبلها وصدقها اللي شوهته بيد عماد ..
بعد تنهيدات كانت كاتمتها داخل اعماق قلبها مع شلالات الدموع اللي سكبتها شمت ريحة العود اللي هاجمت انفها توها انتبهت لها ..
طالعت للبشت المرمي على السرير اخذته ورمته على الأرض وهي تتذكر المسرحيه السخيفه اللي مثلها بإتقان وأجبرها انها تجاريه بهالفستان الاسود بنظرها والابيض بنظر اللي شافوه ..
رمت الطرحه بعد مافكتها بقوة وهي تحس انها خانقتها وكاتمه على نفسها رغم انها على شعرها وبعيده عن فمها وأنفها و صدرها ..
" آآآآهـ " اطلقتها من عمق اعماقها وحطت يدينها الصغيره على وجهها وانخرطت في نوبه معبرة ...
بكت ليلة فرحها ..
بكت اهلها ..
بكت الفرح والسعادة ورثتها بمناحتها ودموعها ..
بكت الحياة الزوجية واسم زوجة ..
بكت الحظ .. والقدر والقسمة والنصيب اللي خابوا معاها وماصابوا ابداً ..
انتبهت للباب اللي انفتح عليها ..
ورفعت راسها وشافته
بطوله الفارع كان لابس قميص مغربي لونه بني واسع بقبعه طويلة من ورى وكم طويل وزراير كثير قدام ..
وقف بمكانه منصدم بالرغم انه مو متفاجيء ..
لأن المفروض ليلتها اسمها فرح ..
وهو احالها لتعاسة ونكد ..
بس الصدمه ان هذا شكلها وهذا حالها ..
حالتها الجمته وجمدته ..
فزت بسرعه وصدت عنه واعطته ظهرها وهي تجلس على طرف السرير البعيد عن الباب ..
حتى مايشوف شكلها اللي اكيد يخرع بفعل الكحل والمكياج السايحين على بعض ..
ويلاحظ عيونها الحمرا ووجهها المتورم ..
وحتى ماينتبه لحالها ويشفق عليها لأن آخر شي تبيه من عماد الشفقه ولا الرحمه ..
جا قدامها ويدينها على عيونها وهي تنتحب ..
قرب منها وجلس على ركبه على الارض ومسك يدها قال : ليه كذا ؟
شهقت وهي تحاول تتماسك قالت من دون ماتطالعه وبصوت يرتجف
: لوسمحت بعدين تدق الباب علي اذا فكرت تدخل .
: الحين جاوبيني ليه حالك كذا ؟
: مالك شغل فيني .
اخذت منديل من اللي على الكومدينو بجنبها ومسحت وجهها بس وش تمسح ووش تخلي ..
تنهد بوجع قال : على راحتك .. بس لاتنسين اني نبهتك من البداية وحذرتك وانتي اللي اصريتي وركبتي راسك .. ولا ماكنتي مصدقتني وماتوقعتي اني جاد بكلامي لك .؟
: اصلاً ماابكي عشانك ولا فكرت فيك .. اللي مزعلني شي ثاني بعيد عنك .
: اللي هو ..؟
: مالك شغل فيه .. ورجاءً لاتتدخل فيني . ولاتسألني عن شي يخصني ..
ترك يدها بعد ماحاولت تسحبها كذا مرة ..
وقف واخذ بشته المرمي على الأرض ..
قال : زين انا هنا بغرفتي اللي بجنبك .. اذا بغيتي شي دقي عليّ باب غرفتي .. ولاتنزلين الا اذا قلت لك . فاهمه ..؟
ماانتظر منها جواب وطلع وسكر الباب وراه ..
قامت بسرعه وقفلت بالمفتاح بعصبيه ..
ورجعت تكمل نوبتها وهي تبدل فستانها وتدخل الحمام تتحمم ..
فتحت الموية عليها واختلطت بدموعها ..
حست بالبرودة في جسمها وتمنت لو توصل لقلبها وتطفي شي من ناره وحرقته ...
طلعت بعد ساعه بالضبط وهي تشهق وتمسح سيل الدموع اللي ماتوقف ولا له نيه يتوقف .
راحت حطت راسها على السرير بعد ماجففت شعرها ولبست بيجامه قطنيه وناعمه ..
وبعد كلل وجهاد مع النوم قدرت تغلب النوم وتغفو لها كم دقيقه من كل ساعه ...
المهم اسم انها نامت ..
**
في غرفته
علق بشته في دولابه وتمدد على سريره وحط يدينه ورى راسه ..
" هذا اول الغيث ياعمااد "
الليلة لمن شاف دموعها انكسر بداخله شي ..!
حس بظلمها صدق ..
حس انه قسى على بنت خاله وحبيبة جدته ..
بس وش يسوي .. هو ماسعى لها وهي اللي سعت لحالها هذا .
نصيبها حطها في هالوضع وهالموضع ..
" يالله ارحمني برحمتك "
قالها بصوت عالي وغمض عيونه وهو في دوامه وش يسوي ووش الحل ..
لايمكن يقدر يعيش زوج ويمارس حياته بشكل طبيعي .
الظروف تجبره ياعالم وماهو بيده ..
احتار يجبر نفسه ويتورط ولا يعودها الايام الأولى تتعب فيها وبعدين تتعود بدل مايعيشها بسعاده اول ايامهم ثم يجني عليها بعد كذا ..
التعب نال منه اليوم كثير ..
جسمه كأنه متكسر ..
وراسه ماعاد قادر على التفكير والتخيل
حس برعشة في سائر جسمه ووقف وراح يتخبط بمشيته للحمام
وقف على المغسلة دقايق ورجع كل اللي في جوفه ,,
غسل وجهه ومسح على شعره ورجع لسريره ..
محتاج يرتاح اسبوع كامل على الاقل بعد تعب اليوم ..
رحمه النوم لمن داهمه وعقله بعز التفكير والأفكار والتعب المنهك..!
***
بعد ماقرأت رسالته اللي وصلتها على رقمها الجديد وهي مو في طبيعتها ..
بدأ العد التنازلي لحسم امرها
اما ان تكون لخالد واما الا تكون
وكلا الأمرين للحين يمثلون لها غصة ..
صحيح ان خالد ماعاد يعنيها مثل اول
بس كلمة مطلقه وبعدها عن خالد اللي رسمت كل احلامها معاه شي صعب ..
ضمت على الجوال بيدها بقوة وهي محتارة في تناقضات خوفها من خالد ..
تبيه ولاتبيه .. !!
تخاف قربه وتخاف بعده .. !!
هو بالنسبة لها صدمة وبنفس الوقت فراقه يعتبر صدمة .. !!
ماانتبهت لابوها اللي وقف على راسها وناداها اكثر من مرة وهي ولا هي حوله ..
لاحظ ابوها وجهها الشاحب وملامح الحزن ترتسم عليه ..
قرب منها قال : اش فيها سارونة زعلانه .. اكيد تفكر بشي مزعلها ..!!
فزت بمكانها وحطت يدها على صدرها وشهقت بخوف وفجعه قالت : يبه انت هنا ماشفتك ..!!
: من زمان اناديك وانتي بعالم ثاني .. خير وش مضايقك . ؟
فرقعت اصابعها بتوتر قالت وهي تناظر بالسقف والجدران وكأنها تبي تهرب من نظرات ابوها : يبه مو مو مووووضووعي اش صار عليه .
جلس على يسارها وضم على يد بنته بيده اليسار ولف يده اليمين على اكتافها
قال بحنية ومودة وهو يطمنها : لاتحسبيني غافل عن موضوعك .. خالد راح يطلق وغصب عن عينه لأنه عفن وريحته طلعت ..
عقدت حواجبها قالت باستغراب : عفن ..؟ ريحته طلعت ..؟
: الوسخ دايم يعفن يابنتي وخالد وسخ عفن وريحته طلعت ..!
حست ان الجملة وافيه وكافيه انها تصور لها خالد ..
ابتسمت لابوها بتودد قالت وهي متردده : يبه ابغى ارتاح انا خلاص صليت الاستخارة واحسني ابغى اتطلق منه ...
وجهت نظراتها للأرض قالت بخجل : تراه من كم يوم يدق على جوالي ماادري من فين جاب رقمي الجديد . واليوم ارسل لي رساله .. شوفها يبه .
دخل مشاري على جملتها الأخيرة وهي تمد الجوال على ابوها قال : الوسخ اكيد جابه من الاتصالات لكن اتركيه كلها ايام وماراح تسمعين صوته بالمرة .
اشر له ابوه يعني اسكت وسكت مشاري وهو يوقف ورى ابوه ويقرا الرساله ..
قال : يخسي ماعنده فلوس لالمهر ولا لبيت ولا لزواج هذا يبي يستفزك عشان تردين عليه ويحاول يقنعك ماتسمعين كلامنا .. لكن هانت وانا اخوك ماباقي الا كم يوم وماتسمعين سيرته .
طالعه ابوه بنظرة لوم قال مشاري وهو يغير الموضوع : الا وش اخبارك ياسويرة من بعد شويدن .. من بعد ماتركتك .
طالعته سارة وسكتت .. ماردت عليه زي كل مرة اذا قال سويرة ولا شويدن ..
لأن بالها مشغول برسالة خالد اللي مضمونها " انه راح يرسل لها المهر في ايام قليلة ويبي رقم حسابها .. " .
حس مشاري ان اخته مهمومه ولاهي رايقه .. وان وجهها يقول كلام ماله أي تفسير غير الخوف
قال وهو مصر على انه يغير جوها ومودها ويروقها بطريقته
: بالله طالعوا في كرشي تستاهل انا نأجل الزواج عشانها .. ريهام مطفشتني كل يوم تضيف لي شرط جديد .
ضحك ابوه بمحاولة انه يراوغ ويبعد سارة عن التفكير بخالد قال : هذا شرط جديد غير شرط الدخان ؟.
عقد مشاري حواجبه وهو يمسح على كرشه اللي بارزة شي قليل من تحت التي شيرت قال : تقول كرشك تنزلها ولا مافيه زواج .. شكلها بتسوي فيني مثل ابو علي بطاش ماطاش ..
غصب عن سارة ضحكت وهي تدري ان مشاري وابوها يحاولون جاهدين انهم يغيرون لها جوها ..
مافيه حل الا انها تسايرهم تجاريهم في محاولاتهم حتى ماتشيلهم همها الكبير ..
قالت : اسعدها ياربي هالريهام محد ماخذ لي حقي منك غيرها .. يالله يالله من بكرة على النادي الصحي .
وقف مشاري وطالع في ابوه قال : يالظالمة تتشمتين فيني كله عشان قلت سويرة .
ردت بمرح وهي تتصنع الزعل : وشويدن كمان ..!
: اووه صح نسينا شويدن والله الظاهر لو تدري اني اقول لها شويدن لتقتلني ..
: طيب يااخ مشمش متى بتسجل في النادي ..
: هههههههههههههههههههههههههههه مشمش عاد . . اسكتي لاتسمعك ريهام ثم تقول .. كمل مشاري وهو يقلد صوت ريهام الهادي وطريقتها البطيئة بالكلام : مانتزوج لين تتخلص من الكنية هذي للأبد وتمر بتجربة سنة كاملة من غير ماتسمعها ...
كان الضحك هو الرد الطبيعي لكلام مشاري وقدرته على تقليد ريهام اللي صارت تمثل له المستقبل المشرق والمبشر بالسعادة ..!
قدر انه يقلب جو سارة لمرح وهو يتكلم عن ريهام ونصايحها له وطلباتها اللي ماتخلص . لاتدخن .. لاتسهر .. لاتسرع .. لاتاكل كبسة حتى ماتطلع لك كرش .. لاتجلس كثير حتى ماتتخن .. اعمل رياضه .. ابغى جسمك رياضي واهم شي ماعندك كرش ..
ارتاح ابوها انه يشوفها نست او تناست وتغيرت لمحة الحزن اللي على جبينها لابتسامه واسعه مايدري وش كثر اللي وراها من الهم ..
وحمد ربه بصمت انه ستر ولاخلى مشاري يفصح عن الكمين اللي مخططينه لخالد حتى يطيح في شر اعماله بعد مارفض انه يطلق سارة ..
يتبع ...